ولد جميل محمد علي محمود في عام 1940 في حي المسفلة بمكة المكرمة، وكان شغوفًا بالتعلم والفن منذ صغره، بدأ رحلته التعليمية في كتاتيب محلية، ثم المدرسة العزيزية الابتدائية، حيث تألق كمقرئ متميز.
لاحقًا، أكمل تعليمه في المدرسة التحضيرية للبعثات ثم في كلية الشرطة بمصر، وتخرج برتبة ملازم ثانٍ عام 1957.
لم يكتفِ بذلك، بل أكمل دراساته في الولايات المتحدة الأمريكية، وحصل على دبلومات في الرماية، ومكافحة الشغب، والقيادة، ونال شهادة تعادل درجة الماجستير من معهد الضباط القادة في مصر.
حب الفن من القلب: العود والكمان جزء من حياته
الفن كان دائمًا جزءًا من حياة جميل محمود. منذ الصغر، كان يسمع كبار الفنانين مثل محمد عبد الوهاب وأم كلثوم، وتعلّم العزف على العود والكمان في القاهرة على يد مدرس فلسطيني عام 1958، كما تعلّم قراءة وكتابة النوتة الموسيقية.
وفي مسيرته، ابتكر أكثر من 500 لحن متنوع، من أغاني الأطفال والأفراح، إلى ألحان وصفيّة لمناطق السعودية.
ألحان خالدها الفنانون
بين عامي 1959 و1961، أبدع جميل محمود مجموعة من الأغاني التي أصبحت أيقونات، مثل:
احترت أنا في الحب
حبيبي الأسمر
أبكي على قلبي
ليه خنتني في العهد
أول نظرة
وغنّا هذه الألحان نجوم كبار مثل طلال مداح، عبادي الجوهر، عبد المجيد عبد الله، وديع الصافي، وشريفة فاضل، رامي عبدالله، وغيرهم، بالتعاون مع شعراء مبدعين مثل إبراهيم خفاجي ومحمد طلعت وياسين سمكري.
“وتر وسمر”: منصة الفن الأصيل
في عام 1982، أطلّ جميل محمود على الجمهور السعودي ببرنامج “وتر وسمر” على القناة السعودية الأولى، الذي استمر لمدة ست سنوات. ركّز البرنامج على الموسيقى السعودية والمقامات التراثية، وشارك فيه كبار الفنانين، ليصبح نقطة انطلاق للفن السعودي الأصيل على شاشة التلفزيون.
رجل الأمن والموسيقى في آن واحد
لم تكن حياته الفنية فقط، فقد خدم في مجالات أمنية متنوعة، من الضبط الجنائي إلى التحقيقات، وشغل مناصب مهمة مثل مدير مرور الرياض، ومدير مرور المنطقة الشرقية، ومدير مرور المدينة المنورة، حتى تقاعد عام 1980 برتبة عقيد عن عمر 40 عامًا.
التكريمات والأوسمة
تقديراً لمسيرته المميزة، حصل جميل محمود على عدة أوسمة ودروع، منها:
وسام الملك فيصل
وسام التقدير العسكري
وسام من ملك إسبانيا
وسام من رئيسي فنزويلا وفرنسا
كما كرّمته عدة جهات محلية بمختلف الدروع، من مهرجانات إلى إدارات تعليمية ونوادي ثقافية.
إرث خالد
جميل محمود مثال حي على الدمج بين الانضباط والإبداع، ضابط شرطة وموسيقي موهوب، ترك إرثًا غنيًا من الألحان والبرامج الفنية التي ما زالت تحتفل بالموسيقى السعودية والخليجية، وتلهم أجيال جديدة من الفنانين.




